الجمعة، 9 ديسمبر 2011






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..

وبعد:

في هذه الدنيا سهام المصائب مشرعة، ورماح البلاء معدة مرسلة، فإننا في دار ابتلاء وامتحان، ونكد وأحزان، وهموم وغموم، تطرقنا حينا في فقد حبيب أو ضياع مال أو سوء معاملة أو فراق إخوان أو شجار أبناء وغيرها!

والبلاء الذي يصيب العبد لا يخرج عن أربعة أقسام: إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يحب. والناس مشتركون في حصولها من مسلم وكافر وبر وفاجر كما هو مشاهد.

ونظرا لفجاءة تلك المشاكل وعدم الاستعداد لها أحيانا، جعلت قواعد أساسية في علاجها، وهي إطار عام لكل الناس، وكل حالة بحسبها.

- الاسترجاع عند المصيبة

إذا نزلت بالمرء المصيبة؛ فإن أول علاج لحلها أن يسترجع ويقول: }إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{


وقد قال r وهو يخاطب عائشة رضي الله عنها: "عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" [رواه مسلم]

3- الصبر

ما إن يطرق سمعك كلمة المصيبة، إلا ويأتي في الكفة الأخرى كلمة الصبر، ولولا ذلك لتفاقمت المشاكل ودب اليأس والقنوط، ولكن الله عزوجل رحمة منه بعباده سخر لهم أمر معالجة المصائب بالصبر.

والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين والصبر كنز من كنوز الجنة، وقد أعد الله عز وجل للصابرين أجرا عظيما }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [الزمر: 10].


لا بد من حسن الظن بالله عز وجل وأن الفرج قريب، وأن مع العسر يسرا، وكذلك الظن بالشخص المقابل أو صاحب المشكلة، فقد يكون لديه تصور معين، أو فهم خاطئ، أو بلغه أمر غير صحيح، ولهذا إحسان الظن بالمسلم مما يريح النفس، وتلمس الأعذار مما يهون المصيبة، ويعين على حلها بروية وحسن تفكير، وبعض المشاكل قد يبني على سوء الظن، بناء على أوهام وخيالات أو تصور قاصر.


من توجيه النبي r: "من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة


بعض الناس إذا نزلت به قضية ، أو ألمت به مصيبة أظلمت الدنيا في عينه وظن أنها نهاية الدنيا، وقد يكره الإنسان أمرا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا: }وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{ [البقرة: 216].


جاء رجل إلى النبي r فقال أوصني قال: "لا تغضب" رددها مرارا، وقال r: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.



المشاكل تتفاوت والقلوب أيضا تتفاوت قوة وتحملا وصبرا وجلدا، فما يكون عندك مشكلة قد لا يكون عند غيرك مشكلة، ولهذا حتى يكون التصور واضحا للمشكلة، لينظر المرء إلى نهاية المصيبة، وأعلى ضرر يصيبه منها، فإذا طلقت الزوجة فقد يرزقها الله برجل خير من الأول، وإذا مات الأب أو الأم، فإن هذه مزرعة الآخرة فليستعد وليحمد الله أن أمهله ليستدرك، وهكذا تعطي كل مشكلة مقدارها وعدم تضخيمها وتكبيرها، وكأنها نهاية الدنيا وليس بعدها إلا الخراب والدمار.

ولو تأمل صاحب المشكلة في مشاكل وأحداث مرت فيما سبق، وكيف فرجت وانتهت؟ لعلم أن الأيام أخذت دورتها، ونسي تلك المصائب وكأنها الآن لم تكن.


الالتجاء إلى الله عز وجل وطلب العون والتوفيق من أعظم أسباب انفراج ضيق الصدر وحل الأمور، ومن فوائد المصائب لمن ابتلاه الله عز وجل بذلك انكساره والتجاؤه إلى ربه يدعوه ويتذلل بين يديه، ومن صور الالتجاء إلى عز وجل كثرة الاستغفار فقد قال r: "من أكثر من الاستغفار، جعل الله عز وجل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب" [رواه أبو داود].

ومن نعم الله عز وجل علينا أن حركة اللسان من أخف حركات الجسم، ولا تكلف النفس مشقة وجهدا.

                                             10- الدعاء بالأدعية المأثورة









إذا وقع الفأس في الرأس كما يقال يسعى المرء إلى إصلاح ما فات وذهب، وخير أمر يزيد علمه وعمله؛ اللجوء إلى كتاب الله وسنة نبيه وr وفي الكتب الإسلامية والأشرطة النافعة دواء ناجع بإذن الله في حل كثير من المشكلات، ومحلات التسجيلات والمكتبات ولله الحمد مليئة بمثل ذلك في مواضيع شتى وعناوين مختلفة، مثل المعاملات الزوجية أو تربية الأبناء أو معاملة الأقارب وغيرها كثير.


غالب المشاكل لا تولد فجأة بل لها مسببات وعوامل تذكيها حتى تقع، ففي جانب التربية مثلا لا ينحرف الشاب أو الفتاة هكذا في يوم وليلة، بل في تدرج يطول أو يقصر، مع وجود عوامل مساعدة للانحراف، كصديق السوء مثلا أو القنوات أو الهاتف أو غيرها، ولهذا فإن من عوامل علاج المشكلة، معرفة جذورها، ومعالجتها معالجة تامة وليست آنية ووقتية فقط، وقد يطول العلاج بحسب الإهمال السابق وبحسب العامل المؤثر وقوته، وكذلك بحسب شخصية المنحرف وغيرها.





ولكن إذا وقعت مصيبة كالطلاق مثلا يكفي من الحلول إيقافها عند حدها، حتى لا تنتشر فتضر، وتسوء عشرة ما بعد الطلاق،وخاصة إذا كان هناك أبناء، ثم هي أيضا قد تعالج ما بعد مشكلة الطلاق فيعود الزوج إلى زوجته والأم إلى بيتها أو الأبناء إلى دارهم، ويكفي من العلاج عدم انتشار المشكلة وشيوعها وتصاعد حدتها، ولو أن مريضا انكسرت يده وأتى للطبيب فإن العلة موجودة، لكنه يجعل لها جبارة من جبس حتى تتعافى رويدا رويدا، ثم يعطى مسكنات حتى تستمر عملية الجبر في الطريق الصحيح.


لا شك أن المشكلة التي وقعت فيها، كبيرة وعظيمة كما تظن لكن ليست هي كل شيء، فلا تأخذ منك كل شيء، ولا تأخذ جل وقتك وتفكيرك، مما يؤدي بك إلى مشكلة أخرى، وهي تعطيل أعمال أخرى وزيادة القلق والاضطراب، بل أنزل هذه المشكلة منزلتها، وأد أعمالك كما كنت تعمل، بل واجعل لك زيادة وقت، في الترويح عن النفس ولقاء المعارف والأصدقاء حتى تعوض ما فقدته من انشراح وسرور.








إذا وقع الإنسان في أمر من أمور الدنيا، فإنه يحتاج لحله وتجاوزه، إلى رأي صائب وفكر مستنير، يستعين به بعد الله عز وجل؛ وهنا يبرز السؤال الهام في هذه المرحلة: من يستشير؟ وإلى من يبث شكواه وهمه؟

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تكلم فيما لا يعنيك واعرف عدوك واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره ولا تطلعه على سرك، ولا تشاوره في أمرك، إلا الذين يخشون الله عز وجل.

ومن تأمل في أحوال المستشار يجد العجب، فبعضهم ليس لديه تجربة حتى نقول: إنه صاحب خبرة، والآخر ليس لديه علم شرعي؛ حتى يستهدى به، والأخرى من النساء تجدها حين تستشار عجلة في التوجيه بترك الزوج، وأنه لا فائدة في الجلوس معه، ثم هي بعد أن تنهي المكالمة، تذهب لزوجها وتترك المسكينة تتجرع مرارة استشارتها طلاقا وفراقا، وهناك من قد يستشيرهم المرء وفي قلوبهم مراتع من الحقد والحسد.

فالمقترح الأول: أن يستشير من هم بعيدون عنه، حتى يحتفظ بأسراره ومشاكله، بعيدا عن نشرها وإذاعتها.

والمقترح الآخر: أن من يستشيرهم : أهل العلم والفضل، فيجمع بين أمرين: عدم إفشاء أسراره لأحد لكثرة من يتصل على العلماء والمشايخ، والآخر أنهم أهل فضل وورع، يدلونك على حل فيه العلم والنور بإذن الله ولا يمنع أن يتصل على أكثر من طالب علم، فالمشاكل ليست مثل الفتاوى.

ولطبيعة المشكلات وطول شرحها، فالمقترح أن يهاتف طلبة العلم دون المشايخ الكبار، لضيق أوقاتهم وانشغالهم بأمور الفتيا، مع الدقة في اختيار عناصر المشكلة من وجهة نظر منصفة، أي أن يذكر وجهة نظر الطرف الآخر أيضا حتى يكون الحل إيجابيا.

تفويض الأمر إلى الله

الإنسان يكد ويكدح في هذه الدنيا، وليس له منها إلا ما كتبه الله عز وجل فإذا بذل الأسباب واستشار واستخار، فإن الأمر كله لله يدبر الأمر كيف يشاء، فلتطب نفسك بح لأمور، وعليك بالفرح والسعادة وأنت تلجأ إلى ركن شديد ورب غفور رحيم.

وتأمل في حال النبي r وهو يتحسر على إعراض قومه بعد أن بذل وسعه في دعوتهم، فخاطبه المولى جل وعلا بقوله: }فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ{ [فاطر: 8].

كم الله وقضائه، خاصة أنك بذلت ما في وسعك، فالحمد لله مقدر

إذا فجعتك المصائب، ونزلت بك الهموم، وادلهمت بك الطرق، وأظلمت عليك الدروب، من حوادث الدنيا المقدرة فعليك بمنزلة الرضا لما قدر الله وقضى، فإنها المنزلة الأولى، فارض بقضاء الله وقدره: }قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا{ [التوبة: 51].

والدرجة الثانية: الصبر على البلاء، وهذه لمن لم يستطع الرضا بالقضاء، فالرضا فعل مندوب إليه مستحب، والصبر واجب على المؤمن حتم.

واعلم أنه متى أصابك مكروه فاعلم أن الذي قدره حكيم عليم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأنه تعالى قد تنوعت رحمته على عبده، يرحمه فيعطيه، ثم يرحمه فيوفقه للشكر، ويرحمه فيبتليه، ثم يرحمه فيوفقه للصبر، فرضا الله متقدم على التدابير السارة، والضارة متأخرة عنها، ويرحمه أيضا بأن يجعل ذلك البلاء مكفرا لذنوبه وآثامه ومنميا لحسناته ورافعا لدرجاته.







ملاحظه /// مأخوووووذ من كتاب 40 طريقه لحل المشكلات

الطالبة/ فاطمة المهندس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق